في الوقت الذي تفشى فيه فيروس كورونا المستجد (كوفيد -19) في أغلب دول العالم، انطلاقًا من بؤرته في الصين خلال يناير الماضي، ليصبح جائحة وباء عالميا بحسب وصف منظمة الصحة العالمية، فإن بعض المناطق لا تزال خالية من الفيروس ولم تسجل إصابة واحدة به، رغم الإصابات التي تخطت حاجز المليون شخص في العالم، وعشرات الآلاف من الوفيات.
ورغم أن هناك دُولا لم تُعلن عن إصابات بفيروس كورونا مثل أمريكا الشمالية، فإن هناك أخرى بالفعل لم يصل إليها الفيروس لكونها معزولة ذاتيًّا فضلا عن إجراءات احترازية اتخذتها سريعًا بعد انتشار الفيروس في الصين وانتقاله منها إلى الدول المجاورة.
دول لم يدخلها فيروس كورونا
ومن أبرز هذه الدول التي لم يدخلها فيروس كورونا حتى الآن، بحسب موقع “بي بي سي عربي”، هي جزيرة ناورو في المحيط الهادي، التي تقع على بعد نحو 200 ميل من أقرب أرض إليها، وأقرب مدينة كبيرة تربطها بها رحلات طيران هي بريسبان وتُعد ثاني أصغر دولة عضو في الأمم المتحدة من حيث المساحة بعد موناكو، والثانية من حيث عدد السكان بعد توفالو، إذ يزيد عدد سكانها قليلا عن 10 آلاف نسمة.
وتعد ناورو واحدة من أقل البلدان زيارة في العالم، وعلى الرغم من أنها لا تظهر في أي بيانات خاصة بالأمم المتحدة إلا أن أحد مُنظمي الجولات السياحية يقول إن نحو 160 سائحا يزورون ناورو سنويا.
أما سر عدم تسجيل إصابات بكورونا في ناورو، فإن هذا يرجع إلى أن البلد بعيد ومعزول في المحيط، رغم أنها تضم مستشفى واحدا، ولا توجد فيها أجهزة تنفس صناعي، وتعاني من نقص في أطقم التمريض، كما اتخذت الدولة إجراءات أخرى احترازية بشكل سريع عقب ظهور الفيروس في الصن، ومنها:
- منعت استقبال المسافرين من الصين وكوريا الشمالية وإيطاليا وإيران.
- علقت رحلات خطوط ناورو الجوية إلى فيجي وكيريباتي وجزر مارشال وقلصت الرحلات إلى بريسبان من 3 رحلات في الأسبوع إلى رحلة واحدة كل أسبوعين.
- فرضت على القادمين من أستراليا (سكان الجزيرة) الدخول في عزل ذاتي في الفنادق المحلية لمدة 14 يوما.
- فرضت الحجر الصحي لمدة أسبوعين في مركز لطالبي اللجوء تابع لأستراليا في الجزيرة.
وعن هذه الإجراءات الوقائية، قال ليونيل إينجميا، رئيس ناورو: إنها “لإحكام السيطرة والاحتواء”، مضيفًا “نبقي الأشياء عند حدودنا، والحدود بالنسبة لنا هو المطار، وتسهيلات الترانزيت الخاصة بنا جزء من هذه الحدود، أما الذين هم قيد الحجر الصحي فيخضعون يوميا للفحص لرصد الأعراض، وإذا أصيب أحدهم بالحمى يُعزل بطريقة أكثر تشددا.
دول سارت على درب ناورو
وسارت على درب الإجراءات التي اتخذتها جزيرة ناورو كل من كيريباتي وتونجا وفانوتو وغيرها من الجزر، إذ يقول الدكتور كولين توكويتونجا من نيو في جنوب المحيط الهادي ومفوض سابق في منظمة الصحة العالمية: إنه واثق أن هذه هي السياسة السليمة، فأفضل شيء هو إبقاء هذا الفيروس خارج هذه المنطقة التي تتسم بالهشاشة، وتفتقد إلى أنظمة الرعاية الصحية.
وأضاف أن تلك الدول صغيرة وهشة ولا يوجد في أغلبها أجهزة مساعدة على التنفس، ولو تفشى الوباء فيها فسيفني سكانها، الذين يعيشون في ظروف صحية صعبة، والعديد منهم يعاني من السكري وأمراض القلب والصدر، وهي الحالات الأكثر تأثرا بكورونا.
وقال البروفيسورآندي تيتم، أستاذ الديموجرافيا والأوبئة بجامعة ساوثهامبتون:” أراهن على جزر جنوب المحيط الهادي الصغيرة البعيدة بأنها ستكون آخر الأماكن التي يصلها فيروس كورونا، متابعًا “لكن مثل اقتصاد العولمة الراهن، أشك في أن أي مكان سيفلت من العدوى”.